أرخى فيروس كورونا بظلاله الثقيلة على القطاعات الإنتاجية كافة في كل بلاد العالم، وكان السبب في انهيار القطاع الاقتصادي في العديد من الدول، بسبب فرض الحجر المنزلي الذي استمر لأشهر وما زال، الأمر الذي أدّى إلى إغلاق عدد كبير من الشركات والمؤسسات التي كانت خسارتها فادحة بسبب انتشار الفيروس القاتل. وعلى قاعدة “مصائب قوم عند قوم فوائد”، ازدهر في ظل هذه الجائحة العديد من المهن المستجِدة.
وفي لبنان، فقد العديد من الأفراد أعمالهم ومصدر أرزاقهم، بسبب الإجراءات الحكومية القاسية لمواجهة الجائحة، وبسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، فوجدوا أنفسهم بلا مورد رزق يؤمّن لهم استمرار الحياة الكريمة.
نبال حموي …. خياطة الكِمامات تجارة مربحة
من المهن التي ازدهرت في عالم التجارة في زمن كورونا في لبنان، تجارة الكِمامات القُماشية التي أصبحت مهنة دائمة بالنسبة للعديد من الأفراد والشركات، الذين وجدوا فيها ربحًا وفيرًا بمواد بسيطة ومتوافرة في السوق، إضافة إلى الكِمامات المطبوعة بتصاميم مميزة يختارها الشخص بحسب ذوقه واحتياجاته.
تقول الشابة نبال حموي في هذا الشأن: “لقد استطعت أن أجني أموالًا لا بأس بها من خلال خياطة الكِمامات بألوان وأقمشة مختلفة بحسب ذوق الزبون، فقد فقدت عملي منذ فرض إجراءات التعبئة العامة، وبالصدفة أقنعتتي صديقتي بالدخول في عالم تجارة الكِمامات، بعدما رأينا أنّ الطلب عليها كبير جدًّا، لأنّ ارتداءها مفروض من الدولة كأحد إجراءات الحماية من الفيروس، بالتالي فقد ازداد الطلب عليها بشكل كبير”.
للتواصل: 78876026
منال محمود …. المعقّمات والمطهّرات باتت حاجة ملحّة
وإلى الكِمامات، أدّى الفيروس إلى انتعاش سوق المعقّمات والمطهّرات، التي بات العديد من الأفراد ينتجونها في منازلهم، ويسوّقون لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبأسعار تنافسية.
تقول منال محمود وهي ربة منزل وأمٌّ لأربعة أولاد: “لم أكن أتوقّع يومًا أن أعمل في هذا المجال ومن المنزل، لقد فقدت عملي بسبب أزمة كورونا، لأنّ الشركة التي كنت أعمل بها أقفلت أبوابها، وعندما رأيت الإقبال الكثيف للمواطنين على شراء المعقّمات والمطهّرات، قررت أنا وزوجي أن ننتج هذه المواد في المنزل، وفعلًا لقد نجحنا، ونجني حاليًّا مبالغ استطعنا من خلالها إعالة عائلتنا”.
للتواصل: 81033781
نادر خضرا …. خدمة الدليفري أثمرت نتائج مذهلة
بسبب التباعد الاجتماعي المفروض لمنع التزاحم في الأسواق، نشطت في فترة الحجر المنزلي، الحاجة إلى توصيل المنتجات إلى المنازل والمؤسسات من خلال خدمة الدليفري.
وفي هذا المجال، يقول الشاب نادر خضرا لـ”أحوال” :”لقد أنشأت فريقًا صغيرًا من الشبان، يوصلون المنتجات بواسطة الدراجة، وأحمد الله أنّ هذه الخطوة أثمرت نتائج مذهلة، وها هو فريقي يكبر يومًا بعد يوم، وأنصح الشباب خاصة خرّيجي الجامعة الذين لم يجدوا أية وظيفة حتى الآن بسبب الضائقة الإقتصادية التي نعاني منها، أن يحذوا حذوي، لأنّ هذا المشروع مربح جدًّا، وهو يؤمّن للزبائن الحصول على طلباتهم عبر خدمة الدليفري تفاديًا للاحتكاك المباشر”.
للتواصل: 70054951
المدرّس الياس بشارة لحود …. العيش بعرق الجبين
يعرّف الأستاذ الياس عن نفسه قائلًا: “بدأت بمشروع الزراعة العضوية عندما انخفضت ساعات التعليم في المدرسة التي كنت أدرّس فيها الكيمياء، فخطر ببالي أن أنخرط في مجال الزراعة، خاصة وأنني أملك أرضًا في ضيعتي، وأنا مسؤول عن والدتي بعد وفاة الوالد منذ أن كنت صغيرًا”.
وتابع لحود قائلًا: “هدفي الأول والأخير إدخال مأكولات صحية وعضوية إلى منزلي من دون كيماويات، والدخول إلى كل المنازل من خلال منتوجات مصنوعة بحب وشفافية”.
واستطرد قائلًا: ” الحمد لله شأني كشأن الكثيرين في هذه البلاد ممّن لا يشعرون بالاستقرار في أعمالهم ووظائفهم، وعلى الرغم من كل هذه المصاعب لم أفكر يومًا بالهجرة، اخترت الزراعة مع استمراري في عملي كأستاذ، والحمد لله، بدأ المشروع يكبر عندما قرر أفراد العائلة مساعدتي في الأرض”.
تفاصيل عن الأرض التي يزرعها لحود:
-الأرض المزروعة بعيدة عن السيارات ١ كم
– تروى النباتات من مياه نبع الصفا مع تكرير ٣ مرات
– الأراضي المجاورة لا تستخدم الكيماوي ولا الأسمدة والأدوية
– بعيدة عن أيّ مصدر تلوث
– استخدام كومبوست عضوي ١٠٠٪
-أدوية الرش طبيعية ١٠٠٪
ومن منتجات الأرض:
فليفلة خضراء وصفراء : ٤٠٠٠ ل.ل
باذنجان مدعبل: ٣٥٠٠ ل.ل
بامية بلدية: ١٢٠٠٠ ل.ل
فاصوليا عريضة بيضاء(كل ثلاثاء القطف) : ١٥٠٠٠ ل.ل
للتواصل: 71881663
أمّ علي “نملية وسفرة “مزيج من الكرم والكثير من الحب“
يقول نجل السيدة أمّ علي لـ “أحوال”: “بعد الأزمات التي تعرّضنا لها في البلد، وتراجع المستوى الاقتصادي بشكل مخيف وانتشار فيروس كورونا، قررنا أنا ووالدتي وخالتي، الدخول في مجال تحضير المونة وبيعها، وجاء هذا القرار بالصدفة، عندما صودف دخول موسم التموين وكانت الوالدة حينها تحضّر مونة البيت، فتشاورت معها ومع خالتي، حول ما إذا كان لديهما الشغف في نقل هذه التجربة على نطاق أوسع، وتحضير كميات كبيرة تكفي للبيع”.
وتابع علي قائلًا: “أُعجبت والدتي وخالتي بالفكرة، بخاصة وأنّ لديهما الشغف في تحضير المونة والمأكولات”، مضيفًا: “تفاعُلُ الناس حتى هذه اللحظة مشجّع وإيجابي، ولكن لا أُخفي عليكم أنّ الضائقة الاقتصادية تُلزمنا بوضع سقف محدد للإنتاج، بخاصة وأنّ الأزمة طالت كل المجتمع وبفئاته كلّها”.
أما عن استمرارية هذا النوع من المهن، يقول علي : “هكذا مِهَن لا تنتهي وهي مرتبطة بالتراث اللبناني، يعني رغم صعوبة الظروف التي نمر بها، كانت تتأمّن بالحدّ الأدنى في كل بيت، ومعروف عن اللبناني شغفُه وحبُّه لاقتناء المونة البلدية في منزله، ومن هنا جاءت خطوتنا لتلبية الطلبات المتزايدة على المونة البلدية،حتى من جانب المغتربين خارج الوطن”.
للتواصل: 71216178
جوزيف منصور… جئنا من الأرض ونعود إليها
يقول جوزيف: “منذ 4 سنوات، حاولنا أن نفتتح متجرًا لبيع المونة في لبنان ولكن ما لبثنا أن أقفلنا المتجر بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة”.
“اليوم أقولها وبكل ثقة، إنّ اللبناني الذي يمتلك هذه الثروة في تصنيع المونة، عليه أن لا يتخلى عنها بتاتًا، ونحن من هذه الفئة من الناس التي تشجع هذه الصناعة، نحن من ضيعة “رأس بعلبك من البقاع”، تربّينا على هذا التقليد من أجدادنا، وحاليًّا نحن كما كل المواطنين، لم يعد باستطاعتنا أن نشتري أيّ شيء من السوبر ماركت، لأنّ الأسعار باتت خيالية، لهذا قررنا أنا وأختي والعائلة ككل، أن نعدّ المونة للشتاء من منطلق الاكتفاء الذاتي، وثانيًا قررنا أن نبدأ ببيع المنتجات حتى نستطيع الاًستمرار في تأمين حاجاتنا اليومية، وعلينا جميعا كأبناء ريف أن نعود إلى الأرض ولا نترك هذه الثروة”.
وأضاف جوزيف: “الأرض في لبنان خصبة كثيرًا ولكن للأسف نحن نعاني غياب الدعم من الدولة للمزارع، ونحن لا نستطيع تحريك عجلة الاقتصاد بمفردنا، لأنّنا بصراحة لا نمتلك القدرة على ذلك، بسبب رداءة الأوضاع وعدم القدرة على التصدير”.
للتواصل: 76900251
من هنا يبقى القول إنّ هذه المهن المستجدة نوعًا ما، مرشحة للإنتشار أكثر، مع استمرار تفاعلات جائحة الكورونا، وانسداد الأفق أمام اللَّقاحات التي يُعمل على إنتاجها للقضاء على هذا الوباء.
غنوة طعمة